أخبار عاجلة

الأستاذ الدكتور “على جمعة” – المفتى السابق ورئيس مؤسسة مصر الخير – يكتب: هل الإسلام أهان المرأة

هناك من يردد أن الإسلام أهان المرأة بأن سمح للرجل بضربها ، وحقيقة ذلك القول أنه ورد ضرب النساء في القرآن في موضع واحد في قوله تعالى : {وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ} ، والنشوز هو مخالفة اجتماعية وأخلاقية، حيث تمتنع المرأة عن أداء واجباتها، وتلك الواجبات هي حقوق الزوج، كما أن واجبات الزوج تعتبر حقوقًا للزوجة.
وفي تلك المخالفة الاجتماعية والأخلاقية أرشد الله الرجال لتقويم نسائهن بالوعظ، وهو لين الكلام وتذكيرها بالله وحقه الذي طلبه الله منها، ثم أباح له أن يهجرها في الفراش في محاولة منه للضغط عليها للقيام بواجباتها، وأباح الله له إظهار عدم رضاه وغضبه بأن يضربها ضربة خفيفة لا تترك أثرًا، وكأنه يقول لها : «إني غاضب» ولم يلزم الرجل بذلك، ولكنه أباح تلك الضربة الخفيفة في هذه الحالة، وأمر كل الفقهاء أن يُبتعد عن الضرب قدر الإمكان ويحاول إظهار غضبه بأي شكل آخر.
كما أن الرجل يُضرب ويُؤدب كذلك إذا أخطأ في حق المرأة، ولنضرب مثالاً يضرب فيه الرجل لأنه أخطأ في أداء وظيفته مع المرأة، فإذا قام الرجل بإزالة بكارة زوجته بأصبعه فقد قال الفقهاء : «وإزالة البكارة بالأصبع حرام، ويؤدب الزوج عليه».
وعندما ضرب كثير من الرجـال نساءهم في زمن النبي صلى الله عليه وسلم ذهبن للشكوى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فعنف النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه، وغضب منهم، وقال لهم : « لقد طاف بآل محمد نساء كثير يشكون أزواجهن ليس أولئك بخياركم »( رواه أبو داود ، والدارمي). 
فسنة النبي صلى الله عليه وسلم التي نحث المسلمين عليها، هي عدم الضرب، فلم يضرب النبي صلى الله عليه وسلم نساءه قط؛ وإنما أبيح الضرب بالسواك (كفرشة الأسنان)؛ ليظهر لها غضبه، وعدم الرضى بإصرارها على ترك واجباتها، وفي بعض البيئات الثقافية التي تحتاج المرأة إلى ذلك وتراه بنفسها دلالة على رجولة زوجها، وهذه البيئات الثقافية لا يعرفها الغرب، ولم يطلع عليها، ولكن القرآن جاء لكل البشر، ولكل زمان ومكان، ولكل الأشخاص إلى يوم الدين، فشملت خصائصه كل أنواع البيئات والثقافات المختلفة التي إذا لم تراع أدى إلى اختلال ميزان الاستقرار في الأسرة، وهدد بفشلها وانهيارها، فكان هذا للتقويم والإصلاح.
ونحن الآن لسنا بصدد قضية نظرية بقدر ما هي واقعية، فلو كانت المصادر التشريعية للمسلمين تحثهم وتدعوهم لضرب النساء وظلمهن لظهر ذلك في واقعهم، وإن كانت المصادر التشريعية تحثهم للرحمة والمودة لظهر ذلك أيضا يقول الله تعالى : {وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لَا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِدًا } ، ودعونا نتذكر قول المسيح عليه السلام حينما يقول : « من ثمارهم تعرفهم، هل تجني من الشوك عنبًا، أم من العوسج تينًا »، إذا وقفنا عند قضية «ضرب النساء بالسواك إظهارًا لعدم الرضا»، فلننظر في المجتمعات الإسلامية مدى وجود شكوى العنف ضد النساء، أو التعذيب ضدهن أو ضربهن، فلو وجدنا ذلك لوجدناه في حالات معدودة وقليلة ناتجة عن عدم التزام تلك الحالات بتعاليم دينهم الحنيف. فأغلب الرجال في المجتمعات الإسلامية لا يمارسون العنف والضرب والتعذيب ضد النساء، ويصون الرجال النساء في تلك المجتمعات ويحافظون عليهن.
وفي المقابل إذا أردنا أن نقرأ واقع الغرب وضرب النساء الظالم الشائع فيه نجد الإحصائيات الموثقة من المصادر الغربية نفسها تشهد بما يلي :
79% من الرجال في أمريكا يضربون زوجاتهم ضربًا يؤدي إلى عاهة. 
17% منهن تستدعي حالاتهن الدخول للعناية المركزة…والذي كتب ذلك هو الدكتور (جون بيريه) أستاذ مساعد في مادة علم النفس في جامعة (كارولينا). 
حسب تقرير الوكالة المركزية الأمريكية للفحص والتحقيق FPT هناك زوجة يضربها زوجها كل 18 ثانية في أمريكا. 
كتبت صحيفة أمريكية أن امرأة من كل 10 نساء يضربها زوجها، فعقبت عليها صحيفة Family Relation إن امرأة من كل امرأتين يضربها زوجها وتتعرض للظلم والعدوان (ومن شاء المزيد فليرجع إلى تقرير لجنة الكونجرس الأمريكية لتحقيق جرائم الأحداث في أمريكا تحت عنوان (أخلاق المجتمع الأمريكي المنهارة) . (المجتمع العاري بالوثائق والأرقام ، ص 11))
أما في فرنسا فهناك مليونا امرأة معرضة للضرب سنويًا…أمينة سر الدولة لحقوق المرأة (ميشيل اندريه) قالت : حتى الحيوانات تعامل أحيانًا أفضل من النساء، فلو أن رجلًا ضرب كلبًا في الشارع سيتقدم شخص ما يشكو لجمعية الرفق بالحيوان، لكن لو ضرب رجل زوجته في الشارع فلن يتحرك أحد في فرنسا. 
92% من عمليات الضرب تقع في المدن، و 60% من الشكاوى الليلية التي تتلقاها شرطة النجدة في باريس هي استغاثة من نساء يسيء أزواجهن معاملتهن. 
في بريطانيا يفيد تقرير أن 77% من الأزواج يضربون زوجاتهن دون أن يكون هناك سبب لذلك. 
وفي بريطانيا فإن أكثر من 50% من القتيلات كن ضحايا الزوج أو الشريك. وارتفع العنف في البيت بنسبة 46% خلال عام واحد إلى نهاية آذار 1992، كما وجد أن 25% من النساء يتعرضن للضرب من قبل أزواجهن أو شركائهن. وتتلقى الشرطة البريطانية 100 ألف مكالمة سنويًا لتبلغ شكاوى اعتداء على زوجات أو شريكات، ويستفاد من التقرير نفسه أن امرأة ذكرت أن زوجها ضربها ثلاث سنوات ونصف سنة منذ بداية زواجها، وقالت: لو قلت له شيئًا إثر ضربي لعاد ثانية لذا أبقى صامتة، وهو لا يكتفي بنوع واحد من الضرب بل يمارس جميع أنواع الضرب من اللطمات واللكمات، والركلات، والرفسات، وضرب الرأس بعرض الحائط ولا يبالي إن وقعت ضرباته في مواقع حساسة من الجسد. وأحيانًا قد يصل الأمر ببعضهم إلى حد إطفاء السجائر على جسدها، أو تكبيلها بالسلاسل والأغلال ثم إغلاق الباب عليها وتركها على هذه الحال ساعات طويلة.
إن مفهوم الضرب بهذه الصفة لا شك أنه مصيبة يجب على جميع البشر الوقوف ضدها، وفقهاء المسلمين يقفون ضد هذا الضرب، والنبي صلى الله عليه وسلم يبين أن العلاقة بين الرجل والمرأة تقوم على المودة والرحمة وهذا يتنافى مع الضرب والإيذاء؛ ولذلك يستنكر النبي صلى الله عليه وسلم ذلك استنكارًا شديدًا فيقول صلى الله عليه وسلم : « أيضرب أحدكم امرأته كما يُضرب العبد ثم يجامعها في آخر اليوم ؟»( أخرجه البخاري، والبيهقي، واللفظ له)، فذلك الرد على من زعم أن الإسلام أهان المرأة بإباحة الرجل ضربها
والله تعالى أعلى وأعلم.

شاهد أيضاً

الحب الذى أغضب الملك فاروق…وتفاصيل الفنان الذى كان يزور معشوقتة فى منزلها

كان رشدي أباظة  يزور كاميليا في شقتها في عمارة «الإيموبيليا» وأصبح له مفتاحه الخاص، وأكدت …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *