منذ ما يزيد عن ستين عاماً كانت فلسطين و كانت نكبتها , نكبتها بأسوء إحتلال عرفه التاريخ البشري , إحتلال لم ينهب مقدراتها فقط بل سعى بالقوة لتهجير أبنائها عبر مذابح و مجازر قامت بها عصاباته الإجرامية و عبر حروب استطاعت قوات الاحتلال فيها الانتصار على القوات العربية المتشرذمة و بمساعدة بعض القادة العرب و هنا دخلت قضية فلسطين أروقة الأمم المتحدة ليصدر القرار يتلوه الآخر بوجوب عودة من هجروا من ديارهم بغير حق و لكن مع كل قرار كانت تصدره الأمم المتحدة كان يزداد التغول الصهيوني و تزداد وتيرة عمليات مصادرة الأراضي الفلسطينية و تهجير سكانها . لم تكن دولة الإحتلال لتقدم على ما تقدم عليه لولا ما كانت تلقاه من دعم غربي لسياساتها و صمتٍ عربي مخزٍ بين الإدانة و الإستنكار . دخلت فلسطين بقضيتها أتون الحرب الباردة فكانت قضية فلسطين مرتعاً خصباً للطرفين فازدهرت تجارة السلاح في قطبي الحرب أمركيا و حلفائها و الإتحاد السوفيتي و حلفائه و مع بداية التسعينات انتهى عصر القطبين لتتحول أمريكا إلى الآمر الناهي بمقدرات العالم و من هنا كان احتكارها للوساطة بين الفلسطينيين و دولة الإحتلال , وساطة لم تكن يوماً نزيهة لان جميع الوسطاء و المبعوثين الأمريكيين كانوا يهوداً مع تغاضي القادة العرب بعد رفعهم راية الإستسلام للحضن الأمريكي و ذلك بعد سقوط بغداد . بعد سقوط كتلة حلف وارسو و ما تلاه من انقسام في مجموعة دول الاتحاد السوفيتي ذهبت أمريكا للبحث عن عدو آخر و هذه عادة الدول القوية كي تستطيع عن طريقه فرض هيمنتها على الدول الاخرى و في خضم هذا البحث ضاعت فلسطين اكثر و اكثر مع خروج تنظيم القاعدة للوجود و الذي كانت المخابرات الامريكية سابقا تموله فكانت القاعدة هي العدو الوهمي الذي مكن لأمريكا ما لم تستطع الحصول عليه إبان فترة الحرب الباردة و مع أولى عمليات القاعدة المشبوهة ضد امريكا في 11 سبتمبر و غياب الاهتمام بفلسطين كانت قوات الإحتلال تأتي على ما تبقى من مدن الضفة الغربية مرتكبة أشع المجازر في التاريخ المعاصر و مع ذلك كانت أمريكا أيضاً هي الوسيط الأوحد لحل النزاع الفلسطيني الصهيوني و ما الرباعية الدولية إلا لذر الرماد في العيون و بعد ما يزيد عن عشرين عاما من المفاوضات بين الإحتلال و الفلسطينيين نلاحظ سوء في أوضاع الفلسطينيين لم يشهدوا له مثيلا من قبل و مع ذلك كانت أمريكا تدعو الطرفين إلى المفاوضات .
بعد عشرين عاماً يحق للمرء أن يتساءل , هل حقاً أمريكا تسعى لحل دائم عادل بين الفلسطينيين و الإحتلال ؟ عشرون عاما قد مضت و لا حل يلوح في الأفق بل مزيداً من التصعيد و الفعل و رد الفعل بين الجانبين و الراعي الأمريكي بما يملكه من مفاتيح القوة يبدو للجميع انه عاجز عن الوصول إلى حل , فهل هذه هي حقيقة الأمر و هل الراعي الأمريكي حقاً عاجز عن الزام دولة الإحتلال بحل عادل للقضية الفلسطينية , الجواب هو بالتأكيد لا و ذلك لأن مصلحة أمريكا هي في استمرار المفاوضات و استمرار النزاع و ليس الوصول إلى حل لأن أي حل سيتعارض مع المصالح الأمريكية . فأمريكا اليوم ببيتها الأبيض أصبحت كعبة الرؤساء و الزعماء في الدول العربية و القضية الفلسطينية هي الورقة التي تلعب بها أمريكا فان انتهت هذه الورقة عبر الوصول إلى حل دائم فبالتأكيد سيتقلص الدور الأمريكي في المنطقة العربية و لن تعد له هذه الهيمنة التي نراها اليوم .
من هنا على القيادة الفلسطينية ألا تضع بيضها كله في السلة الأمريكية و أن تستمر بخطواتها في اتجاه الولوج في جميع مؤسسات الأمم المتحدة كي تعامل فلسطين كدولة واقعة تحت الاحتلال و بعدها يترك الأمر للشعب الفلسطيني الذي لن يعدم بدائل و خيارات مقاومة هذا الإحتلال و إذا كانت موازين القوى اليوم تميل لصالح الاحتلال بفعل الدعم الأمريكي فلنترك للأجيال القادمة مع تغير هذه الموازين أبواباً يستطيعون الدخول منها و سد ثغرات الحاضر الذي نعيشه اليوم لان أمركيا اليوم لن تعطينا حل ليس لأنها لا تستطيع بل لأنها لا تريد ذلك .
شاهد أيضاً
الحب الذى أغضب الملك فاروق…وتفاصيل الفنان الذى كان يزور معشوقتة فى منزلها
كان رشدي أباظة يزور كاميليا في شقتها في عمارة «الإيموبيليا» وأصبح له مفتاحه الخاص، وأكدت …