مستندات خطيرة تكشف تستر وزارة الصحة، ممثلة في الإدارة المركزية للتفتيش الصيدلي على خطأ لشركة «جلاسكو» بوضع مادة خطيرة بدلا من مادة أخرى في تكوين نوعين «أبيمول» الذى يستخدم كخافض حرارة، و«فينتولين» شراب، الذى يستخدم كموسع للشعب الهوائية للأطفال، حيث اكتفت الإدارة بمنشور داخلي للمديريات لجمع الدواء من الأسواق دون تنبيه المواطنين، فى وقت أكد فيه مسئولون أن المنشورات الداخلية «حبر على ورق».
وقالت مها إدريس، رئيس التفتيش الصيدلى على مصانع الأدوية،أن الإدارة لم تتحرك لتحذير المواطنين وسحب المنتجين من السوق قبيل بيعهما، خاصة أنهما منتشران ويستخدمان بكثرة فى معظم البيوت المصرية، سارعت المسئولة بإصدار بيان صحفى، حذرت فيه من عقارى أبيمول شراب، المستخدم كخافض للحرارة ومسكن للأطفال، والعقار «فينتولين» شراب، الذى يستخدم كموسع للشعب الهوائية للأطفال. ويتمثل خطأ شركة «جلاسكو» فى أنها وضعت مادة «صوديوم سلفات» بدلا من بوتاسيوم سترات فى الدوائين.
وتؤكد تقارير المعهد الأمريكى للسموم أن مادة الصوديوم تستخدم فى مستحضرات التجميل ومعجون الأسنان، ولها آثار جانبية خطيرة على الجلد والأنسجة، حيث تتسبب فى تهيج الجلد، كما أنها تخترق الجلد إلى أعضاء الجسم الداخلية، فتتقابل مع النترات فى الجسم لتكون «مادة مسرطنة».
واكدت مها ادريس أنه «حتى الآن لم تحصل على ما يثبت أن مديريات الصيادلة على مستوى الجمهورية قامت بسحب الدوائين من السوق»، وقالت «الإدارة منحت مهلة شهرا للإدارات الفرعية حتى تتمكن من سحبه من الصيدليات وتحريزه فى المخازن الخاصة بالإدارة».
وأضافت: الإدارة أصدرت منشورا تحذر فيه من الخطأ الذى وقعت فيه الشركة المنتجة، ومن خطورة تبديل المواد الفعالة بأخرى.
وبسؤالها عن كيفية منع الإدارات الفرعية بيع الدواء فى الصيدليات، قالت إن الصيدليات لديها علم بأن الدواء حدث به خطأ أثناء التركيب لذلك يجب على الصيدلى عدم بيعه. وبعد مقابلة الدكتورة مها إدريس فى الثانية من ظهر أمس الأول، أرسلت بيانا للصحف يؤكد أن الإدارة اكتشفت الخطأ أمس فقط، رغم أن «الشروق» لديها مستند من الإدارة المركزية للصيادلة بتاريخ 20 فبراير الماضى، يؤكد خطأ الشركة، دون تحرك لسحب الكميات التى نفدت معظمها من السوق.
وبسؤال الدكتور محمود فتوح موظف بالإدارة، قال: قرارات ومنشورات الإدارة «حبر على ورق»، ولم يتم تفعيلها ولا توجد آلية محددة لتنفيذ هذه القرارات، مضيفا أن الصيدلى ليس عليه أى مسئولية لأن الجهة المنوط بها التنفيذ هى إدارة الصيدلة وليس الصيدلى.
وأشار فتوح إلى أن مدة شهر، كافية لنفاد العقار من السوق دون علم المرضى بأضراره، مندهشا من عدم تنفيذ القرارات بسحبه بسرعة.
وأكد أحد العاملين بشركة «جلاكسو»: أن رقم التشغيلة الخاصة بدواء أبيمول، بلغ إنتاجه 200 ألف علبة، وتم توزيعها على الصيدليات، وأن الشركة أخطرت الإدارة المركزية للصيادلة فى منشور رسمى، بالخطأ وضرورة سحب الدواء من السوق, ومن جانبه أكد الدكتور شعبان عبداللطيف، عضو هيئة الرقابة الدوائية، أن المدة القانونية المتاحة لوزارة الصحة لسحب العينات، بعد انتهاء الشركة من التشغيلة هى أسبوعان، وإذا لم يتم منع المستحضر خلال هذه المدة، يكون من حق الشركة توزيع المنتج بالسوق، حيث يتم التفتيش من خلال مفتشى الصيادلة على الدواء.
وأشار إلى أن وزارة الصحة هى المسئولة أيضا عن سحب الدواء من السوق، فور إبلاغها بأن الشركة لم تلتزم بالمواصفات المعمول بها لصناعة المنتج. وأعرب عن اندهاشه من سماح وزارة الصحة للشركة بتوزيع الدواء دون التأكد من مطابقته للمواصفات.
وفى جولة بالصيدليات، لمعرفة إذا كان الصيادلة لديهم معرفة بخطأ الشركة فى تصنيع العقارين، أكدت الدكتورة منى فهمى التى تعمل بإحدى صيدليات وسط البلد، أنها علمت من خلال بعض أصدقائها العاملين بالشركة المنتجة، و«رغم ذلك لم يأت أى تفتيش من الصحة لسحب أو منع بيع العقارين خاصة وأن كثيرا من الصيدليات ليس لديها علم بالمنشور».
رغم صدور قرار من وزارة الصحة، بحظر تداول عقاري «أبيمول» شراب والعقار «فينتولين» شراب، وذلك بسبب حدوث خطأ فنى فى تصنيع كلا النوعين بمزج مادة «الصوديوم سلفات» بالمادة الفعالة بدلا من «بوتاسيوم سترات»، مما يؤدى إلى الإصابة بأمراض سرطانية، إلا أن صيادلة، ومسئولى مديرية الصحة بالإسكندرية نفوا علمهم بالقرار.
المفاجأة أن العديد من الصيدليات وشركات توزيع الأدوية، لم يصلها أى منشور بمنع تداول تلك العقاقير ولا برقم التشغيلة الممنوع صرفها.
من جانبه، أكد وكيل أول وزارة الصحة بالإسكندرية، الدكتور محمد أبوسليمان،أن المديرية لم يصلها منشور رسمى بمنع أية أدوية خلال الشهر الجارى، مشيرا إلى أن المديرية حال تسلمها منشور بذلك، تقوم على الفور بسحب العقار من الأسواق.
يقول أحد صيادلة الإسكندرية، إن الصيدلية التى يعمل بها لم يصلها أى منشور من وزارة الصحة بهذا الشأن، مرجحا أن يكون الأمر مجرد شائعة تتردد على صفحات التواصل الاجتماعى، مؤكدا أن الأدوية يتم صرفها بشكل طبيعى للمواطنين.
الواقعة تكررت مع عدد من شركات توزيع الأدوية، ومنها شركات المتحدة وفارما وابن سينا لتوزيع الأدوية بالإسكندرية، حيث لم ترد لفروعهم أية قرارات فى هذا الصدد.
طبيب بالوحدة الصحية بـ«كوم أشو»، أكد أن واقعة منع أدوية، وعدم إخطار الصيدليات والوحدات الريفية بها، أمر يتكرر كثيرا، حيث تغفل وزارة الصحة فى أحيان كثيرة عن متابعة محافظات الصعيد وغيرها من المناطق الريفية بشأن ما يتم حظره من أدوية.
وكان المنشور الصادر من الإدارة المركزية لوزارة الصحة، قد ذكر أنه تم إرسال نسخة من المنشور التحذيرى للشركة المنتجة مالكة المستحضر، وشركات التوزيع لتجميد الأرصدة الموجودة لديها، وارتجاع ما تم بيعه للصيدليات إلى مخازن الشركة بجميع محافظات مصر.