بقلم : أحسن حجازي
لا شك أن الاقتصاد المصري يعاني حالة من التدهور وعدم الاستقرار في ظل اضطراب الأوضاع الأمنية وحالة التخبط الإداري في اتخاذ القرار وترتيب الأولويات إلي جانب انهيار الركائز الأساسية للاقتصاد مثل البنية الصناعية والزراعية والسياحية والتي أدخلت مصر في أزمة اقتصادية لا تخفى تبعاتها على أحد ممن يقبعون في مواقع السلطة أو من المواطنين البسطاء وعلي ضوء ذلك اتخذت الحكومة مجموعة من الإجراءات والتي تتضمن برنامج الإصلاحات الهيكلية للمالية العامة واللجوء إلى صندوق النقد والبنك الدولي وغيرهما من مؤسسات التمويل الدولية للحصول على 21 مليار دولار قروض خلال ثلاث سنوات علما بأن تنفيذ شروط صندوق النقد لن يخفف من عجز الموازنة بل يزيده وربما يضاعفه ولم تكن مصادفة الإفراط في إصدار سندات الخزانة الدولارية لتمويل عجز الموازنة ولم يكن مصادفة أيضا قرار تحرير سعر صرف الجنيه المصري والذي ساعد علي وصول سعر صرف الدولار إلي 19 جنية رسميا في البنوك مما ضاعف تكلفة استيراد البترول والغاز وكذلك تكلفة خدمة الديون في ظل التدني المريع في إنتاجية الاقتصاد المصري وعجزه عن الاستفادة بانخفاض سعر الجنيه في تحفيز طاقة التصدير والمحصلة تقود تلقائيا إلى النقطة الأخطر في شروط الصندوق وهي خصخصة الشركات الإستراتيجية العامة في قطاعات البنوك والبترول ومحطات الكهرباء والمياه ويبقي السؤال المطروح .. هل تمر مصر بأزمة اقتصادية أم أزمة سياسية ؟ أن الإجراءات الاقتصادية الخاطئة نابعة من فهم سياسي خاطئ بالانحياز الكامل أمام أصحاب الملايين وتجاهل أبسط حقوق الفقراء وهذا موقف ايدلوجى سياسي وينعكس في صورة ما اقتصاديا لذا فإن مصر تمر بأزمة سياسية لوجود ضعف في المعرفة والأداء وعدم وجود وزراء يتمتعون بالخلفية السياسية ممن يهتمون بمصالح الشعب والمواطن الفقير في ظل الدخول والأجور التي لا تفي متطلبات الحياة في الحد الأدنى الضروري ومآسي الفقر والبطالة والمرض وما كان يستوجب علي الحكومة سوي أن تعمل علي وجود تشريعات وقوانين اقتصادية جيدة لجذب المستثمرين الذين سيتم استهدافهم مع تعويم العملة المحلية يصحب ذلك إجراءات جادة لفرض ضريبة الأرباح الرأسمالية علي مضاربي البورصة وتطبيق نظام الضرائب التصاعدية مع الحد الأقصى للأجور دون تمييز كذلك تحصيل الضرائب المتأخرة والجمارك المستحقة والتي تسببت بإهدار مبالغ سنوية على إيرادات الدولة تصل إلى مئات المليارات من الجنيهات بل وكان من الأجدر أيضا الاهتمام بالصناعة خلال الفترة فهي القاطرة الأولي للتنمية والكل يعرف أن جوهر المشكلة هو الفجوة بين حجم الطلب والعرض المتاح من العملات الأجنبية ولا يوجد حل على المدى القصير إلا بتقليص الواردات وإنتاج ما يمكن إنتاجه من مستلزمات الإنتاج محليا لكن الحكومة لا ترغب أو لا تقوى على ذلك ففي عهدها بلغ عدد المصانع المتوقفة 5 آلاف مصنع مما أدى إلى تشريد الآلاف من العمال حتى أصبح الشارع ملجأ لأكثر من ربع مليون عاطل كانوا يوما ما أساس عجلة الإنتاج في مصر وعلي الرغم من ذلك اتجهت الدولة لتنفيذ مشروعات خدمية مثل قناة السويس الجديدة والعاصمة الإدارية فيما ظلت فكرة المشروع القومي لتشغيل 1000 مصنع حبيسة الأدراج وأصبحت سياسة التعويم فقط هي السائدة لديها حتى أصبح للجنية قيمة سوقية في أدنى مستوى له برغم محاولات البنك المركزي الأخيرة رفع قيمته لكن دون جدوى ما ترتب عليه غلاء أسعار كافة السلع متأثرة بارتفاع معدل التضخم وانخفاض الجنيه أمام العملات الأجنبية مما زاد من تفاقم الأزمة لدي المواطنين وأشتد تأثيرها اللاذع فشرعوا بإعطاء الأولوية لحاجاتهم ونفقاتهم بصرف المال على الطعام وعلى الحاجات اليومية الضرورية دون غيرها وسؤال بعضهم البعض هيه مصر رايحة علي فين .