البابا تواضروس: العيد يأتى هذا العام وفى قلوبنا مرارة.. صلوا من أجل «مصرنا الحبيبة»
يحتفل الأقباط اليوم الأحد، بعيد القيامة المجيد، فيما تغيب الاحتفالات ويحل بدلًا منها الحزن على شهداء ومصابى التفجيرات الإرهابية الأخيرة التى طالت كنيستى مارجرجس فى طنطا، والمرقسية بالإسكندرية، والتى تتزامن اليوم ذكرى الأسبوع الأول للحادث مع عيد القيامة.
وتغلق الكاتدرائية المرقسية بالعباسية، أبوابها لأول مرة يوم العيد فى عهد البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، وعدم استقبال المهنئين بالعيد، أو معزيين فى شهداء الحادثين الإرهابيين، ونفس الأمر ينطبق على بطريركية الأقباط الأرثوذكس فى الإسكندرية، التى خصصت يوم الثلاثاء المقبل، لاستقبال العزاء فى شهداء الكنيسة المرقسية الكبرى، بينما يستقبل الأنبا بولا، أسقف طنطا وتوابعها، وكهنة إيبارشية طنطا، العزاء فى شهداء كنيسة مارجرجس ظهر اليوم داخل نفس الكنيسة التى شهدت الحادث.
بينما قررت بعض الإيبارشيات فتح أبوابها اليوم لاستقبال التعازى من المسئولين والرسميين وأفراد الشعب المصري، وقرر بعض أساقفة الإيبارشيات إغلاق الأبواب وعدم استقبال مهنئين أو معزيين.
وقال البابا تواضروس الثاني، فى ختام كلمته التى ألقاها فى صلوات الجمعة العظيمة، التى أقيمت بالكاتدرائية المرقسية بالعباسية، أمس الأول: «إن عيد القيامة يأتى هذا العام وفى قلوبنا مرارة، ولكن فرحة القيامة تعلو على كل مرارة، وأن يوم العيد لن يكون مناسبًا لاستقبال أحد لكى لا تختلط المشاعر بين التعزية والمعايدة، وأنه يمكن أن يتم تحديد موعد آخر لاستقبال المعزين».
واقترح البابا على الأقباط، أن يستثمروا يوم العيد فى زيارة المتألمين والمصابين والمرضى فى المستشفيات، ليس فقط المصابين فى طنطا والإسكندرية، بل لكل شخص متألم فى كل ربوع مصر، مشيرًا إلى أن هناك أسر شهداء متألمين فى أماكن كثيرة فى كل مصر، مؤكدًا على أهمية زيارة مصابى الشرطة الذين أصيبوا فى حادث الكنيسة المرقسية بالإسكندرية.
وشدد البابا على أن يهتم الأقباط يوم العيد بالمتألمين، مطالبًا إياهم بإشراك أطفالهم فى هذا الأمر ليغرسوا فى نفوسهم القيم النبيلة.
ومن المقرر أن يتجه البابا تواضروس، اليوم الأحد، إلى دير الأنبا بيشوى بوادى النطرون، حيث يستقبل غدا جميع أعضاء المجمع المقدس للكنيسة ويتم عمل طقس «الميرون المقدس» الذى بدأ عمله بداية الشهر الجاري.
وأقيمت أمس السبت، قداسات عيد القيامة فى جميع الكنائس بدون احتفالات، بعد قصرها على الصلوات الطقسية فقط، حيث ترأس البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، القداس بالكاتدرائية المرقسية بالعباسية، فيما ترأس الأنبا إبراهيم أسحق، بطريرك الكنيسة الكاثوليكية، قداس العيد بكاتدرائية العذراء الكاثوليك بمدينة نصر، وترأس الدكتور القس أندرية زكي، رئيس الطائفة الإنجيلية، قداس العيد بالكنيسة الإنجيلية بمصر الجديدة، وترأس المطران منير حنا، رئيس الكنيسة الأسقفية، قداس العيد بكاتدرائية جميع القديسين بالزمالك.
وتشهد الكنائس تشديدات أمنية كبيرة خشية وقوع أى أعمال إرهابية، وتعزيزات أمنية مكثفة، خاصة بعد قرار الرئيس عبدالفتاح السيسى، بنشر عناصر القوات المسلحة لتأمين المنشآت المهمة والحيوية، بجانب الشرطة المدنية، وشملت التعزيزات الأمنية تمشيط الشوارع الجانبية فى محيط الكنائس، والتنبيه على الأقباط بعدم التجمع أمام الكنائس بعد الاحتفالات والانصراف الفوري، وعدم ترك سيارات بالقرب من أسوار الكنائس، وسرعة إبلاغ الأمن لدى مشاهدة أى جسم غريب دون العبث به، وعدم حمل ألعاب نارية أو شماريخ أو محدثات صوت أثناء الدخول للكنائس، ووضع الأبواب الإلكترونية بالكنائس خارج أبوابها، وزيادة عدد أفراد الخدمات الأمنية المعينة لتأمين الكنائس، ووجود حرم أمن حول كل كنيسة، ونشر الصدادات الحديدية بمحيطها، والتأكد من هوية كل الأشخاص الداخلين للكنائس، ووجود خدمات من الشرطة النسائية، لأول مرة، بكل كنيسة، لتفتيش السيدات.
وكانت كلمات الأساقفة، ورؤساء الكنائس، تناولت الصلاة لمصر، والرئيس السيسى، والقوات المسلحة والشرطة فى مواجهة الإرهاب، والحديث عن حياة الاستشهاد وربطها بقيامة المسيح حسب الاعتقاد المسيحي، وكذلك الحديث عن زيارة بابا الفاتيكان لمصر، وحادثى طنطا والإسكندرية.
ووجه البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، رسالة بابوية بمناسبة عيد القيامة إلى أقباط المهجر، تم ترجمتها إلى ١٢ لغة حول العالم، حيث استهل البابا كلمته بالقول: «نتذكر بالخير شهداء أحد الشعانين، الذين سجلوا بدمائهم صفحة جديدة فى تاريخ الكنيسة القبطية المصرية، نتذكرهم بالخير، وأن الله اختارهم، وأننا نعلم أن الله هو ضابط الكل ويدبر حياتنا ونحن نشكره جميعا، ونذكر بلادنا الحبيبة مصر ونصلى دائما من أجل أن يحفظها الله فى سلام، ويبعد كل شر عن حدودنا فى بلادنا مصر، وكل منطقة الشرق الأوسط».
وتحدث البابا خلال الكلمة عن القيامة، واختتم الكلمة بتهنئته القلبية للجميع بالعيد، وقلوبنا تعتصر بالألم لفراق أحبائنا، وهؤلاء شهداء ولكننا نذكرهم على الدوام أنهم رقدوا على رجاء القيامة.
وتحت عنوان «عيد القيامة.. مشاركة حقيقية فى قيامة المسيح»، أتت كلمة الأنبا إبراهيم إسحق، بطريرك الكنيسة الكاثوليكية، التى استهلها قائلا: «تستقبل آخر هذا الشهر، مصر أرض السلام، البابا فرنسيس، رسول السلام والمحبة فى هذا العصر المضطرب المزدحم بالقضايا الإنسانية ومشهد الضحايا فى كل مكان وفى كل أمة يدمى القلب، هذه الزيارة التى ترمز إلى مكانة مصر فى العالم ودورها القوى فى بناء السلام العالمي، وتؤكد على أنها وطن يحب السلام والأمن، وأن شعبها يعبر الصعاب ويتحمل المشاق لكى يبنى مستقبلًا واعدًا».
وأضاف البطريرك: «أهلًا بكم على أرض السلام، أهلًا بكم فى الوطن الذى احتضن صوت الخالق على جبل سيناء فتزلزل الجبل، أهلًا بكم بين المصريين، مسيحيين ومسلمين، فى وطنهم مهد الحضارات والعلوم والفنون، إن المسلة المصرية التى تنتصب أمام كنيسة القديس بطرس فى الفاتيكان، دليل على التواصل بين الشعوب والأمم».
وتابع: «إننا نصلى من أجل هذا العالم الذى نعيش فيه، ليسكب الله رحمته على كل أبناء البشر، فيتوقف العنف والحروب والانقسامات، ليتفرغ العالم إلى تنمية الحياة الإنسانية، ليجد طعامًا لكل جائع، وحياة أرقى وأفضل لجميع الشعوب، ونرفع صلاتنا متحدين مع سائر البطاركة والأساقفة، وكل المؤمنين من أجل أن يعم السلام عالمنا المثقل بالآلام والأحزان، ونصلى من أجل كل شهيد وشهيدة، يشعل شمعة فى ظلام التعصب والتطرف، ونصلى من أجل مصر الوطن الحبيب ورئيسها، الذى يسعى بكل إخلاص وجهد لبناء ونهضة هذا الوطن، نلتمس من الله عز وجل أن يحفظه وأن يمده بالنعمة والصحة، مع جميع المسئولين وجنود الوطن، تحية وإجلالًا للأبطال فى سيناء، وفى كل مكان، الذين يسهرون من أجل حفظ أمن وأمان الوطن، تحية لكل أم تشعل فى بيتها نور الحب والعطاء، تحية لكل أب يتفانى فى تربية أولاده وخدمة وطنه، تحية لكل إنسان يجتهد لإسعاد الإنسان، فإن لنا رجاءً كبيرًا فى أن ينهض بلدنا بالعدل والمساواة والإخلاص والمحبة، صلاتنا أيضًا من أجل بلادنا العربية التى تعانى الحروب، فقد آن الأوان للتفرغ لبناء الإنسان ومستقبله ولأجيالنا القادمة».
فيما تناولت كلمة الدكتور منير حنا، رئيس أساقفة الطائفة الأسقفية بمصر، الحديث عن حادثى طنطا والإسكندرية، حيث استهل كلمته بالقول: «بدأ أسبوع الآلام هذا العام بأحداث مؤلمة ومحزنة حقًا، بدأ بهجمات إرهابية أثناء صلاة أحد السعف، والتى أودت بحياة العديد من المصريين الذين كانوا داخل الكنائس وخارجها فى طنطا والإسكندرية، وخيم الحزن علينا جميعًا، حيث اختلطت سعوف النخل التى كان يحملها المصلين بالدم، وانسكبت الدموع من عيوننا جميعًا، وجاء جيراننا ليقدموا العزاء فى شهداء ومصابى مصر كلها».
ويضيف حنا: «لقد أحسست أن الكنيسة فى مصر تحمل الصليب، صليب الموت، وتسير خلف السيد المسيح، ونحن نعرف جيدًا أن الموت على الصليب يقترن بالخزى والعار، وليس فقط بالألم والحزن».
وطالب حنا، الأقباط بعدم الخوف من هؤلاء الذين يقتلون الجسد، وبعد ذلك ليس لهم ما يفعلون أكثر، مشيرًا إلى أنهم يصلون اليوم من أجل أسر الشهداء والمصابين، ومن أجل حماية إلاهية لمصر.
ودعا حنا، الأقباط أيضًا لزرع الحب بدلًا من الكراهية، وطلب الغفران لكل المسيئين إليهم، والعمل بإصرار من أجل خير مصر، لأن بهذا يتم الانتصار على الإرهاب والتطرف.