تحقيق : محمد أبو شادي
تجار الموت علي من يطلقون الرصاص .. الأسلحة الآلية التي كانت تجلب في الماضي من أجل الأخذ بالثأر وحوادث الإرهاب وتجارة المخدرات تحولت في ظل الانفلات الأمني إلي أداة في يد الجميع بدأ من المواطنين العاديين إلي قطاع الطرق والبلطجية الذين باتوا يستخدمونها للترويع وسلب الأرواح إذا أقتضي الأمر ولا يوجد إحصاء رسمي حتى الآن بعدد حوادث الاعتداء المسلح التي وقعت عقب ثورة 25 يناير وحتى الآن لكن أعداد الضحايا تؤكد أن الأمر خرج عن السيطرة ولكن أجهزة الشرطة والجيش تحاول منع هذه التجارة غير المشروعة ولكن زيادة الإقبال علي شراء السلاح قابله ارتفاع في الأسعار حتي وصل إلي أكثر من 10 أضعاف وأيضاً زيادة الكميات المجلوبة عبر الحدود المصرية الجنوبية والغربية وباتت عمليات الضبط تتم بشكل يومي.
لذا قررنا اختراق إحدى القرى المعروفة بكثرة حالات التعدي والثأر وهي قرية المندرة بمركز ديروط محافظة أسيوط ونحن في طريقنا إلي القرية طرحنا بعض الأسئلة علي الأهالي المجاورين لهذه القرية وأخبرونا بسوء الوضع وكثرة حالات القتل بها بسبب إطلاق الأعيرة النارية ومدي الرعب الذي أصبح أبنائهم به ونصحونا بعدم الدخول إلي القرية وحينما تخطينا أول حدود القرية لم نجد أحداً بها رغم أن الساعة كانت تقارب الثالثة عصراً وبدا وكأنها مدينة يسكنها أشباح وتجولنا داخل الشوارع.
طرقنا الأبواب وحينها خرج إلينا الحاج محمد حسن محمود يبلغ من العمر السبعون عاماً سئلنا عما يحدث بالقرية وأين الأهالي فقال إن الأهالي تسكن داخل منازلها خوفاً من الأعيرة النارية التي لا تفرق عدوا ولا حبيب، فإطلاق الأعيرة النارية يبدأ من بعد صلاة العصر وحتى الساعات الأولي من صباح اليوم التالي ويتم إطلاق الأعيرة النارية بشكل مكثف وفي جميع الإتجاهات ولا نعلم من أين يأتي إطلاق النار والأراضي خالية تماماً من ملاكها وزراعة الشامي والقصب والزراعات الطويلة ليست للتجارة ولكنها للحماية بداخلها فالثأر والسرقة والبلطجة قد ملئ القرية ولا توجد عائلة خالية منه وهذا أدي إلي إنتشار السلاح الغير شرعي وبالتالي كثرة عدد التجار به حيث وصل عدد التجار إلي ثلاثون تاجراً في قرية صغيرة مثل هذه القرية، مع العلم أن هؤلاء التجار هم صغار التجار ولكن الكبار لا يعلمهم أحد.
خطف الصغير والكبير وقتل الأطفال والسيدات والرجال والتمثيل بالجثث هم حصيلة الخروج من المنزل والجلوس أمامه حيث تم قتل أعداد كبيرة تفوق الـ 200 شخص في القرية منذ أن بدأت الثورة وحتى الآن وانقطاع النور باكراً يشعل نيران الرصاص وأصبحت المواصلات شئ صعب حيث يرفض السائقين القدوم إلي القرية أو حتى المرور بجوارها خوفاً علي حياته.
واستطرد قائلاً رغم أن الذعر قد خيم علي القرية من كبيرها إلي صغيرها إلا أن الأطفال قد تعودوا علي أصوات النيران فقد أصبح السلاح اليوم أداة رزق وحماية ومباهاة وترفيه في بعض الأحيان.
أما عن المعيشة والرزق فمعظم أهل القرية مزارعون نخرج في الصباح الباكر لحصد ما بقي من محاصيلنا وإطعام مواشينا فهي تعتبر أداة الرزق الوحيدة الآن حيث نعيش علي لبنها ونصنع منه القليل من الجبن لنتغذى عليه ونذبح من الطيور وبعضنا لجأ إلي صناعة الطوب وهو ما يسمي (قمير الطوب) ففي الصباح الباكر نهرول لإنجاز أعمالنا ونرجع إلي المنازل قبل أذان العصر.
أما عن الأمن فكما رأيتم لا يوجد أمن لدينا رغم أننا لا نبعد كثيراً عن مركز الشرطة التابع لمركز ديروط ولا توجد نقطة شرطة لدينا داخل القرية لذلك نطلب من السيد اللواء محمد إبراهيم وزير الداخلية أن يجد حلاً سريعاً لما يحدث لنا فنحن نعيش في رعب وخوفنا علي أبنائنا أثناء ذهابهم وعدتهم من المدارس يمنعنا أحياناً من إرسالهم.