عبد الله الحمزاوي – المغرب-
بعد أيام قليلة تحل ذكرى جديدة وثالثة من انطلاقة الحراك الذي شهده المغرب خلال سنة 2011، حراك شمل جميع المجالات خرج فيه المواطن”الرعية” مطالبا بتسوية أوضاع بلده سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا… فكان من نتائجه تحقيق مزيد من المكاسب النضالية كبعض الزيادات الطفيفة للموظفين وتسوية أوضاع بعض الفئات الاجتماعية الأخرى. لكن ما أدى اليه الحراك من ترقيعات لم يكن بمستوى حجمه كحراك رفعت خلاله شعارات كبيرة وصلت الى حد المطالبة بتغيير النظام . والمتتبع لهذا الحراك يقف عند فرضيتين لتفسيره في ظل الوقت الراهن، فحركة20 فبراير التي كانت تعبر عن الالية التنظيمية والتأطيرية لهذا الحراك عاشت نكسة خلال السنة الثانية من الحراك جراء انسحاب بعض المكونات الأساسية في الحراك. وهو ما جعل الحركة تفقد حجمها الجماهيري الذي برز أول مرة من جهة. ومن جهة أخرى وارتباطا بالفكرة الأولى لم يعد الحراك مفردا بل تحولنا الى “حراكات” بلغة الجمع ففي البداية برز وعي لدى الفئات الاجتماعية أن تحقيق المطالب الفئوية لن يتأتى الا بنضال جماعي. لكن سرعان ما تأثر هذا الطرح بعوامل نفعية وايديولوجية فصار هناك نوع من التنافر بين الفئات الاجتماعية وكأن خروج فئة للنضال يجعل مطالب الأخرى تتأخر عن تحقيقها. انها الانقسامية في لبوس الحراك جعلت من الحراك صراعا تحول من مصارعة صناع القرار الى التصادم حول الاستفادة من مغانم الحراك.
هكذا تراجعت الالية التنظيمية والتأطيرية لحركة 20 فبراير ولم تعد التعبير الأنسب للمطالب لدى بعض الفئات نتيجة عوامل وخلفيات ايديولوجية فكانت الحركة بين خيارين اما الاستمرار وسط اختلاف داخلي كبير. واما حل عقد التزواج بين المحتجين، فكانت الفرضية الاخيرة هي الأنسب بالنسبة للفرقاء داخل الحركة هذا على مستوى الماضي. فما هو تصور الحركة في المستقبل؟
ساهمت عوامل عدة في خلق نوع من السكون على مستوى الاحتجاج بالمغرب، وتعود بحسب اعتقادنا الى اعتماد العديد من المسكنات والوصفات الترقيعية التي ساهمت في خلق نوع من الفتور لدى الفئات الاحتجاجية، كما أن اعلان تغيير الدستور واجراء الانتخابات وغير ذلك جعل المحتجين في نوع من الريب طرح شكوكا حول مدى نجاح الاحتجاج في انتزاع المطالب. لكن بعد هذه المدة التي انفقت فيها أموالا ضخمة على احتواء الوضع والحراك وتمت فيها تسويات جعلت البعض بعيدا عن سكة الحراك يطرح سؤال جديد مفاده ما مصير هذه التسويات المكلفة التي لم تعمل على حل مشاكل المجتمع بل زادت من تعميق الأزمة؟. وهو ما يطرح تحديا كبيرا في كيفية مواجهة الاحتجاجات الجديدة التي برزت وتبرز باستمرار في ظل فشل ذريع منيت به وصفة ما بعد الربيع. فهل المغرب ما زال في حاجة 20 فبراير. وعلى أي صيغة يمكن أن تحقق الحركة اجماعا أو توافقا حول جمع الاحتجاج مرة اخرى؟.