القس هشام كامل: نؤمن أن كل «الأسفار» موحى بها من الله.. وقصور العقل البشرى يجعله لا يستوعب بعض الأشياء
تشهد الكنيسة فى مصر عدة مدارس فكرية ولاهوتية بشأن نظريات التطور وخضوع ترجمات الكتاب المقدس لهذه النظريات، لكن يوجد مدرسة مختلفة ترفض نظريات التطور وتعتبر كل من ينادى بالتطور فهو يعتدى على كلمة الله.
واتفق أستاذ الطب النفسى الدكتور «أوسم وصفى» على أن التطور هو أحد الطرق إلى الله، وهذا قائلا إن الاقتناع بالتطور كطريقة الله فى الخلق من الإيمان لا ينتقص بوحى الكتب المقدسة.
وأضاف أنه ليس بالضرورة لكى نؤمن بوحى أى سفر أن نفسره حرفيًا وعلميًا وتاريخيًا بينما هو مكتوب بأسلوب أدبى للإشارة إلى حقائق روحية أزلية.
وشدد على أن التكوين موحٍ به من الله لأنه يقدم حقائق روحية أزلية مختلفة تمامًا عما تقدمه أدبيات الشرق الأدنى القديم المجاورة كالمصرية والبابلية.
وقدم وصفي لـ«البوابة» هذه الحقائق الروحية فيما يلى:
أولا: خلق الله الكون من العدم، وليس فقط نظم الخليقة الفوضوية، كما يردد فى الأساطير البابلية والمصرية «فى البدء خلق الله السماء والأرض» وهذا يتفق مع العلم ونظرية الانفجار الكبير.
ثانيًا: خلق الله الإنسان على صورته «على صورة الله خلقه» وخلقه بيديه وليس بكلمة مثل باقى المخلوقات، وهذا قُرب وحميمية واحترام للإنسان غير موجود فى الأدبيات المذكورة.
ثالثًا: عند ما يعبر عن «سقوط الإنسان» الروحى من خلال الرغبة فى السيطرة والتألُّه، فهذا أمر نراه كل يوم، محاولة الإنسان السيطرة والتألُّه الذى هو وراء كل الأمراض والاضطرابات النفسية والسلوكية والروحية والاجتماعية، صحيح أنه تم التعبير عن ذلك بصورة رمزية قصصية «بالشجرة والحية وخلافه»، لكن المعنى الروحى واضح ومتفق تمامًا مع أدبيات علم النفس و التعافى والإدمان وكل شيء، حتى أن البرنامج الأنجح على مدى التاريخ لعلاج الإدمان هو الذى يواجه مباشرة قضية رغبة الإنسان فى التألُّه والسيطرة «برنامج مدمنى الخمر المجهولون» الذى من أهم شعاراته «يوجد إله واحد وهو ليس أنت» وهذا مفهموم يواجه بشكل مباشر تجربة «الحية».. «تصيران كالله».
رابعًا: حتى عند ما يشير سفر التكوين إلى الخلق، فإنه بشكل عجيب يصفه بشكل تطورى، وبنفس أسلوب نظرية التطور، لتفض المياه زحافات، وليطر طير فوق السماء، ثم الدبابات التى تدب على الأرض «الحيوانات البرية» ثم الإنسان فى النهاية كقمة التطور، حتى خلق الإنسان، يصف الطفرة التى حولته من أشباه الإنسان المشتقة من الرئيسيات «التى يشير إليها سفر التكوين رمزيًا بالهيكل الطيني» الذى نفخ الله فيه نفخة فصار الإنسان العاقل، وهى الطفرة الموجهة التى طورت الإنسان من أشباه الإنسان «الهومينيدز» وإنسان نيادراتال وهومو إريكتس، إلى الإنسان الواعى العاقل صاحب الروح «هوموسابيان» المرموز إليه بالرمز الكتابى اللاهوتى «آدم». بالرغم من أنه ليس كتابًا علميًا، إلا أن به إشارات علمية عجيبة، ألم يكن من الممكن أن يبدأ بخلق الإنسان باعتباره الأهم، ثم يخلق له النباتات والحيوانات، لكن الترتيب عجيب، الحياة النباتية، ثم الحياة الحيوانية «التى تبدأ من الماء ثم الزواحف فالطيور فالثدييات، وأخيرًا الإنسان» أليس هذا عجيبا؟.
أما موضوع خلق حواء من ضلع آدم، فهذا بالطبع له خلفياته الاجتماعية فى ذلك الوقت، وموضوع الستة أيام والراحة فى اليوم السابع، فهذا ليس سوى لتأكيد نظام العبادة والسبت، يجب أن نفهم الكتاب فى إطاره، ونستخلص منه المعانى الروحية الصالحة لكل عصر وإطار.
هذا هو «النضوج الروحى» فى التعامل مع الكتاب، والذى ينقذه من أن يتحول إلى «موضة قديمة» فى العصور التالية، لكن للأسف يوجد من يتصرفون كالدبة التى تريد أن تحمى الكتاب «بالحرفية» فتقتله فى قلوب الشباب الذين لا يستطيعون أن ينكروا ما يرونه بعيونهم من الإثباتات العلمية.
ليس بالضرورة أن يكون الاحترام والإيمان حرفيًا سحريًا كارتونيًا لكى يكون إيمانًا.
متى نقرأ الكتاب كما أراد الله، نقرأه لاهوتيًا وروحيًا، وليس علميًا وتاريخيًا.
بينما قال الدكتور القس هشام كامل، راعى الكنيسة الإنجيلية بالولايات المتحدة الأمريكية، «أنا أؤمن بأن كل الكتاب المقدس هو موحٍ به من الله، وإن كان العقل البشرى لا يستوعب بعض الأشياء فهذا ليس لخطأ فى كلمة الله لكن لقصور العقل البشرى».
وأضاف كامل، بأننا نحن نريد أن نضع اللامحدود فى العقل المحدود، وبالمناسبة الهجوم على كلمة الله لصالح الاكتشافات العلمية ليس جديدا، وليس جديدا أيضًا أن العديد من النظريات العلمية سقطت وظلت كلمة الله حية وفعالة وتغيرت حياة الملايين من الناس والخطاة الذين أولهم أنا..!