أربع سنوات مرت على ثورة 25 يناير، والتى خرج فيها المصريون، إلى الشوارع والميادين تنديدًا بممارسات نظام حسنى مبارك وحزبه الحاكم وقتها وهو الحزب الوطنى المنحل، الذى أحرق المصريون مقراته فى جمعة الغضب ولفظوا أعضائه وقياداته، فقد قامت ثورة 25 يناير على نظام حسنى مبارك بأكمله وخلعته هو وحزبه الحاكم وكان مصير قيادات نظام مبارك بعد خلعهم فى ثورة يناير خلف أسوار سجون طره، والتى استمروا بها ما يقرب من أربع سنوات وقد خرج معظمهم إن لم يكن جميعهم براءة فيما عرف بمهرجان البراءة للجميع بدأ من براءة رأس النظام حسنى مبارك وأولاده وقيادات نظامه وانتهاء مؤخرًا ببراءة حبيب العادلى وزير داخلية مبارك .
إلا أن مصير قيادات نظام مبارك، قد تنوعت بعد خروجهم من السجون وبراءتهم من القضايا التى اتهموا فيها، فمنهم من استسلم للانزواء بعيدا عن ضجة العمل السياسى بعد خروجه من السجن ومنهم من لا يزال يبحث عن المنصب والجاه مرة أخري، ومنهم من اقتصر على الحياة الأكاديمية العلمية واتجه إلى التدريس فقط ومنهم من اتجه إلى أعماله الفنية. فيما غلبت الحياة السياسية على العديد من رجال مبارك والعودة إلى المشهد السياسى من جديد، وبدأت أولى تحركات رجال الحزب الوطنى ونظام مبارك من خلال الحشد على الاستفتاء على الدستور وعقد مؤتمرات جماهيرية فى كل محافظات مصر .
ولعل المهندس أحمد عز رجل الأعمال وأمين التنظيم بالحزب الوطنى المنحل، ووزير التضامن الأسبق على مصيلحى ومحافظ حلوان الأسبق قدرى أبو حسين أبرز الأمثلة على عودة الحزب مرة أخرى إلى الحياة السياسية، هذا فيما اختفى كل من صفوت الشريف رئيس مجلس الشورى السابق والدكتور فتحى سرور رئيس مجلس الشعب الأسبق والدكتور زكريا عزمى رئيس ديوان نظام حسنى مبارك عن الأنظار تمامًا.
وفى إطار ذلك نرصد رحلة فلول نظام مبارك خلال الأربع سنوات الماضية. أحمد عز .. الرجل الأقوى يحاول العودة من جديد أحمد عز الرجل الحديدى فى الحزب الوطنى المنحل، وقد شغل عز منصب أمين التنظيم وعضو لجنة السياسات بالحزب الوطنى قبل أن يتم حله، وقد اتهم عز بعد ثورة يناير بعدة تهم منها أهدار المال العام والتربح والإضرار العمدى الجسيم بالمال العام والكسب غير المشروع ومكث فى السجن عدة سنوات. لكن فى شهر أغسطس الماضي، خرج أحمد عز من السجن بعد 43 شهراً من إلقاء القبض عليه وحبسه على ذمة قضايا إهدار مال عام واحتكار انتهت بسداده 11 مليون جنيه من قيمة 100 مليون جنيه غرامة مالية. وفى شهر نوفمبر، من العام الماضى كان أول ظهور لعز حيث شارك فى الحفل السنوى الذى تقيمه شركة سيراميكا الجوهرة بصحبة زوجته الدكتورة شاهيناز النجار عضو مجلس الشعب الأسبق عن دائرة المنيل، والمرشحة للمقعد نفسه فى برلمان 2015 وألقى رجل الأعمال خلال الحفل كلمة مطولة حول التطور الاقتصادى وفرص نمو الاستثمار بمصر. وبعدها بشهر واحد فاجأ أمين تنظيم الحزب الوطنى المنحل الجميع بإعلانه عن ترشحه للانتخابات البرلمانية لكن اللجنة العليا للانتخابات قد استبعدته من الترشح للانتخابات، وقد رد عز بتقديم طعن على استبعاده ولكن من الواضح أن أحمد عز ما زال يرغب فى العودة مرة أخرى للمعترك السياسى من جديد عبر البرلمان بعد تشجيع أهالى دائرته بمحافظة المنوفية له.
صفوت الشريف.. الرجل الثانى بعد مبارك يختفى عن الأضواء يعتبر صفوت الشريف من أهم رجال الحزب الوطنى المنحل، حيث شغل الأمين العام للحزب قبل حله وكان أحد الأعضاء المؤسسين فى الحزب الوطنى عام 1977 وشغل الشريف منصب الأمين العام للحزب من 2002 إلى 2011ورئيساً سابقا لمجلس الشورى، وتولى منصب وزير الإعلام لفترة من الزمن، عرف بقربه الشديد من الرئيس الأسبق حسنى مبارك، وقد أقاله مبارك من منصبه كأمين عام للحزب الوطنى الحاكم فى الخامس من فبراير 2011 خلفًا لثورة 25 يناير، التى أطاحت بنظام حسنى مبارك وعين بدلا منه حسام بدراوي، الذى استقال لاحقاً. وعقب ثورة 25 يناير تم اتهام صفوت الشريف فى عدة قضايا منها الكسب غير المشروع وقتل المتظاهرين، وفى فبراير 2013 تم إخلاء سبيله بكفالة مالية قدرها 50 ألف جنيه، ومنذ خروجه من السجن اختفى تمامًا من المشهد السياسى فلم يظهر فى أى مناسبات سواء اجتماعيًا أو سياسيًا.
فتحى سرور.. من رئيس مجلس الشعب إلى كتب القانون الدكتور فتحى سرور رئيس مجلس الشعب لمدة 21 عامًا متتالية من 1991 وحتى سنة 2011، اشتهر بلقب “ترزى القوانين لمبارك” وبعد قيام ثورة يناير تم اتهامه فى عدة قضايا لكنه فى منتصف عام 2013 قرر جهاز الكسب غير المشروع إخلاء سبيله من تهم قضايا الكسب غير المشروع وتضخم الثروة بطريق استغلال النفوذ. وكان أول ظهور للدكتور فتحى سرور فى أحد المؤتمرات السياسية لإحدى الجمعيات القانونية فى شهر يناير 2014، وتحدث خلاله عن الدستور المصرى الجديد وإرادة الشعب المصرى فى التغيير الذى تجلى بعد أحداث 30 يونيو. وقد أكد الدكتور طارق سرور المحامى نجل الدكتور أحمد فتحى سرور رئيس مجلس الشعب المنحل، أن والده اعتزل العمل السياسى تمامًا ولم يدل بأى آراء أو تصريحات فى الشأن السياسى وفى شهر يونيو الماضى كان أول ظهور اجتماعى له وكان بصحبته زوجته للاحتفال بتخرج حفيدتهما “سارة” كريمة نجلهما طارق سرور، وفى الرابع عشر من ديسمبر 2014 غادر مطار القاهرة الدولى متوجهًا إلى المملكة العربية السعودية. وتم إنهاء إجراءات سفره على متن الطائرة المصرية المتجهة إلى جدة ترافقه قرينته، وتعد هذه أول مغادرة للدكتور فتحى سرور عقب الحصول على البراءة. وكان وفد من أهالى السيدة زينب، توجهوا إلى الدكتور فتحى سرور لحثه على المشاركة فى الانتخابات البرلمانية القادمة لكنه رفض ذلك قائلاً: “لقد طلقت السياسة بالثلاثة، ولو عاد بى الزمن إلى الوراء لبقيت أستاذًا جامعيًا، ولن أتقلد أى منصب سياسى فى هذه الدولة واكتفيت بأستاذيتى فى جامعة القاهرة”. كما أنه كان قد تفرغ للكتابة فى القانون وتأليف المراجع خلال الفترة التى أعقبت خروجه من السجن”.
زكريا عزمى.. من رئيس ديوان رئيس الجمهورية إلى اعتزال السياسة الدكتور زكريا عزمى رئيس ديوان رئيس الجمهورية الأسبق حسنى مبارك والرجل المهم بالحزب الوطني، وعقب ثورة يناير تم اتهام عزمى بعدة تهم منها الكسب غير المشروع وحصل على حكم بحبسه لمدة سبع سنوات فى مايو 2012 ولكنه بالرغم منذ ذلك حصل على البراءة من محكمة النقض فى فبراير 2013، ليخرج إلى الحياة دون تهم موجهة إليه. واعتزل عزمى الحياة السياسة بعد خروجه من السجن ولم يظهر فى الحياة العامة إلا مرة واحدة، وذلك عندما كان يدلى بصوته فى لجنة مدرسة القاهرة التجريبية للغات بمنطقة القاهرة الجديدة خلال اليوم الثانى من الاستفتاء على الدستور فى العام الماضى ورفض خلالها الإدلاء بأى تصريحات لوسائل الإعلام. لكن بالرغم من ذلك دفع زكريا عزمى بشقيقه اللواء طيار يحيى عزمى للترشح للبرلمان والمعروف بعلاقته القوية بالرئيس الأسبق مبارك لكونه طيارا وأيضا شقيقا لعزمى وقد تواجد اللواء يحيى عزمى بشكل مستمر بالقرية وسط الأهالى وعقد لقاءات مع كبار العائلات ودعم بعض الشباب المقربين له فى تنظيم مؤتمرات وندوات بالقرى التابعة له ولم يظهر زكريا عزمى فى أى مناسبة عامة منذ إخلاء سبيله.
مصيلحى.. حلم البرلمان مازال هو المسيطر على تفكيره
ومن زكريا عزمى إلى الدكتور على مصيلحى وزير التضامن الاجتماعى الأسبق، الذى يعد من أبرز وزراء نظام مبارك ومن ابرز رموز الحزب الوطنى المنحل الذى مازال يشارك فى الحياة السياسة حتى الآن، ولم يختف عن الأنظار مثل معظم رجال الحزب الوطنى الآخرين وذلك لأنه مازال يتمتع بشعبية داخل دائرته الانتخابية وهى مدينة أبو كبير بمحافظة الشرقية، وقد أعلن المصيلحى عن نيته لخوض الانتخابات منذ أكتوبر الماضى، ولعب مصيلحى دورًا كبيرًا فى الحشد للدستور الذى أبرز مكانته بين المواطنين، فقام بتنظيم عشرات اللقاءات العائلية والمؤتمرات الجماهيرية لحشد المواطنين للاستفتاء على الدستور، واتضح تأثيرها فى عمليات التصويت، ما دفع خصومه لإضرام النيران فى فيلاه. ولم يتوقف مصيلحي، عند هذا الحد فى عمله السياسي، بل شارك فى المجلس الرئاسى لتحالف الجبهة المصرية الانتخابى كما أنه أعلن فى أكتوبر 2013، عن ترشيح نفسه بأول انتخابات برلمانية بعد ثورة 30 يونيو بمسقط رأسه بمركز أبو كبير بمحافظة الشرقية ووسط مؤيديه ومحبيه بالدائرة التى كان نائبها منذ عام 2000 حتى حل مجلس الشعب بعد ثورة 25 يناير.
مفيد شهاب.. من السياسة إلى التدريس بالجامعة الدكتور مفيد شهاب رئيس جامعة القاهرة الأسبق، ووزير التعليم العالى الأسبق، وشغل منصب وزير المجالس النيابية والشئون القانونية فى نظام حسنى مبارك، ويعتبر من أهم رجال الرئيس الأسبق مبارك وبعد ثورة 25 يناير تم التحقيق معه بتهمة الكسب غير المشروع وذلك بداخل الجهاز المركزى للمحاسبات فى مايو 2011 وتم إخلاء سبيله من الجهاز دون توجيه أى اتهامات له. وقد رفض الدكتور مفيد شهاب الحديث عن الشأن السياسى بمصر، وذلك بعد ثورة 25 يناير كما أنه أكد اعتزاله العمل السياسى والإعلام واكتفائه فقط بالتدريس فى جامعة القاهرة.
فاروق حسنى.. العودة للفن بعد توقف دام أربع سنوات ومن وزير الشئون النيابية إلى وزير الثقافة فاروق حسني، الذى استمر فى منصبه دهرًا من الزمن فى نظام حسنى مبارك إلى أن قامت ثورة يناير وتم حل الحزب الوطنى وعزل فاروق حسنى من منصبه، وبعد قيام ثورة يناير تم استدعاء وزير الثقافة إلى جهاز الكسب غير المشروع لاتهامه بالتربح وإهدار المال العام لكن قرر المستشار عاصم الجو هرى مساعد وزير العدل لشئون الكسب غير المشروع وقتها إخلاء سبيل فاروق حسنى بعد تبرئته من تهمة الكسب غير المشروع، حيث قدم لقاضى التحقيق معه ما يفيد سلامة ذمته المالية وأنه جمع ثروته بطريقة مشروعة”. واختفى فاروق حسنى عن الأنظار كثيرًا إلا أنه فى ديسمبر العام الماضى استضافت قاعة “أفق 1” بمتحف محمود خليل، المعرض الأول للفنان فاروق حسنى وزير الثقافة الأسبق، وذلك بعد توقفه عن إقامة المعارض منذ نحو أربعة أعوام.
قدرى أبو حسين.. السياسية لا تزال فى جيبي اللواء قدرى أبو حسين أمين الحزب الوطنى المنحل بمحافظة سوهاج، ومحافظ حلوان الأسبق، يعتبر أبرز رجال مبارك فى المشاركة السياسية بعد ثورة 25 يناير، حيث أسس حزبًا سياسيًا بعد ثورة 30 يونيو وأطلق عليه حزب مصر بلادى الذى انضم إلى قائمة الجبهة المصرية ولم يكتف أبو حسين بذلك بل أعلن عن خوض حزبه للانتخابات البرلمانية القادمة لينغمس وبشدة أبو حسين فى الحياة السياسة على خلاف كثير من رجال الحزب الذين فضلوا الاختفاء من التواجد فى الحياة السياسية. على الدين هلال.. من الوطنى إلى جامعة القاهرة تسبب فى حصول مصر على صفر فى تنظيم مونديال كأس العالم عام 2010، عندما كان وزيرًا للشباب، إنه الدكتور على الدين هلال وزير الشباب من 1999-2004، وأمين لجنة الإعلام بالحزب الوطنى منذ 2006وحتى انطلاق ثورة يناير.
وبعد سقوط نظام مبارك عاد هلال للعمل كمدرس فى كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، حتى الآن وقد فضل التدريس على الحياة السياسية واختفى بعد ذلك إعلاميًا إلا أنه بالرغم من ذلك أثارت تصريحاته التى صدرت فى نهاية العام الماضى حالة من الغضب العام داخل الأوساط السياسية بعد مهاجمته للأحزاب السياسية ووصفها بالفشل وأنها ستؤدى لبرلمان غير ديمقراطى.
المصريون