بقلم محمد أصيل
كنت أظنها من الطباع الجميلة ( أن تهتم بأمر الناس وتنسى نفسك )
لدرجة أن تتخيل أنك من تسند الجبل بظهرك وأنك إن تركته ووقفت عنه تناثرت حبات رماله وتطايرت وأنهار
حتى يظن صاحب هذا الطبع أنه إن لم يقف بجانب الآخرين سيحدث لهم ما لا يحمد عقباه أو أن الأمر سينتهي بكارثة محتمة
الغريب والعجيب أن ذاك الشخص قد يهلك نفسه في التفكير في مشاكل الأخرين وكيفية حلها وتصبح حياته عصيبة وتنهار صحته النفسية وتتأثر تعاملاته مع أقرب الناس إليه فمن كثرة الضغوط التي يضعها على نفسه في سبيل راحة الآخرين لا تجد تلك الضغوط منفذا للخروج إلا من خلال زوجته أو أولاده أو أقرب أحبابه ويكون عزائه في ذلك أنهم سيتحملونه وأنهم يعرفون المهام الملقاة على عاتقه وأنه من يسند الجبل بظهره يبدأ ذلك الشعور يتنامي لدرجة أنه يريد من أقرب الناس عليه ليس فقط أن يتحملونه بل يطلب منه أن يساعدوه ويزيد ذلك الإحساس عنده إلى المظلومية بإنه هو المظلوم والمرهق والمتعب من إجلهم وأنه يحترق كالشمعة لييحيوا هم في الأضواء
هذا الشخص ما أنفك أن يفعل ما يفعل حتى يحدث له أحد أمرين في القريب
الأةل : أما أن يستمر في ذلك الطبع فتدريجيا يخسر المقربين منه واحدا تلو الاخر
الثاني : أن يقلع عن ذلك ويستعيد ما فقده من صحته النفسية وعلاقاته الأسرية
أتحدث هنا عن (المبالغين في إحساسهم بذاتهم وأنهم القادرون على حل كل المشاكل للناس وأن عدم تدخلهم سيزيد الأمر سوء)
ولا أتحدث هنا عن المساعدة نفسها بل ( تحميل النفس وتأنيبها لعدم القدرة على المساعدة لعدم الاستطاعة )
فالمشكلة عند تلك الشخصية أنها قليلة الخبرة بالنفس البشرية ولا تعلم أن من يجعلك تعيش حياة هادئة هو الوسطية بمعنى
١- أن عليك مساعدة الناس لكن فيما تستطيعه فقط
١- أن لنفسك عليك حق فيما لا تستطيعه فلا ترهقها ولا تحملها تأنيب أنك لم تستطيع فعل كذا أو كذا
ولابد أن تعلم أن الله سبحانه وتعالى قال في كتابه
( واتقوا الله ما استطعتم )
فحتى في التقوى لن يحاسب رب العزة إلا فيما استطعت تحقيقه
فلا تقولن لنفسك إن تركت فلان بدون مساعدتي له فقد هلك
واعلم أنك إن تركته لن يهلك فإن لم تستطع أنت حل مشكلته سيرسل الله له من يفرج عنه وأنك مطالب فقط بالسعي والعمل قدر ما تستطيع فإن لم تستطع فللكون سنن لن تتغير وللكون رب يديره وكل شي عنده بمقدار .
واعلم أنك إن تركت الجبل الذي تظن أنك إن لم تسنده بظهرك تناثر ،
أنك أن وقفت وتركته أنه لن ينهار بل سيظل مكانه واقفا
فارحم نفسك واعلم أنها لها عليك حق.