أصدرت هيئة مفوضي الدولة، تقريراً قضائياً، أكدت فيه على أن علاقة مصر بدولة إثيوبيا، وتعامل الدولة المصرية ممثلة في الرئيس عبدالفتاح السيسي والحكومة برئاسة المهندس شريف إسماعيل، وتقدير الخطوات المتبعة من الحكومة بخصوص ملف الأمن المائي المصري، وبناء سد النهضة، هو عمل يتصل بشأن من شئون السياسة العليا المتعلقة بمصالح الدولة، وعلاقتها السياسية مع الحكومة الاثيوبية، وهي من الأمور التي تعتبر من الأعمال السيادية التي تخرج عن اختصاص القضاء.
وأوصت محكمة القضاء الإداري بإصدار حكم بعدم اختصاصها بنظر الدعوى التي أقامها أحد المحامين ضد رئيس الجمهورية وطالبه فيها بإقالة حكومة المهندس شريف إسماعيل بالكامل وإحالته ووزير الري للمحاكمة، بإدعاء أنهم فرطوا في مستقبل مصر وتعريض الأمن القومي المصري للخطر.
صدر التقرير برئاسة المستشار الدكتور محمد الدمرداش العقالي نائب رئيس مجلس الدولة، وأعده المستشار أحمد محمد مصباح، وذلك في الدعوى رقم 19269 لسنة 70 قضائية، والتي ذكر فيها مقيم الدعوى ويدعى جمال إسماعيل، أن حكومة المهندس شريف اسماعيل لم تتخذ أية إجراءات فعلية ضد الجانب الاثيوبي، وعرضت مستقبل مصر المائي للخطر، لكن المفوضين ذكرت أن أعمال السيادة تستبعد من ولاية القضاء تحقيقاً للاعتبارات السياسية بسبب طبيعة هذه الأعمال واتصالها بنظام الدولة السياسي اتصالاً وثيقاً أو بسيادتها في الداخل والخارج، وذلك كله يقتضى النأي بها عن نطاق الرقابة القضائية.
وأضاف تقرير المفوضين أن أعمال السيادة لا تخضع لرقابة القضاء لدواعي الحفاظ على كيان الدولة في الداخل والذود عن سيادتها في الخارج ورعاية مصالحها العليا، وتحقيقاً لصالح الوطن وسلامته، فضلاً عن عدم ملائمة طرح هذه المسائل علناً في ساحات القضاء.
وأوضح تقرير المفوضين “الأصل في أن كل قرار إداري يصدر من السلطة التنفيذية يخضع لرقابة القضاء إعمالاً لمبدأ المشروعية وسيادة القانون، إلا أنه يستثنى من هذا الأصل القرارات التي تتصل بسيادة الدولة الداخلية والخارجية، لأنها لا تقبل بطبيعتها أن تكون محلاً لدعوى قضائية، كما أن السلطة السياسية تتولى وظيفتين إحداهما بوصفها سلطة حكم والأخرى بوصفها سلطة إدارة وتعتبر الأعمال التي تقوم بها السلطة التنفيذية بوصفها سلطة حكم من قبيل أعمال السيادة، وتصدر عن الدولة مستهدفة المصالح العليا للجماعة، والسهر على احترام الدستور والإشراف على علاقتها مع الدول الأخرى، وتأمين سلامتها وأمنها في الداخل والخارج.
واستكمل تقرير المفوضين بأن أعمال السيادة مستعصية على موازين التقدير القضائي التي يقتضيها الفصل في صحتها أو بطلانها وعدم خضوع أعمال السيادة التي تصدرها السلطة التنفيذية لرقابة القضاء لا يرجع إلى أن هذه الأعمال فوق الدستور أو القانون وإنما لأن ضوابط ومعايير الفصل في مشروعيتها لا تتهيأ للسلطة القضائية.
كما أشارت المفوضين إلى نصوص المواد 146، 147، 163 المتعلقين بطريقة تشكيل واختيار الحكوم وإقالتها، والمادة 17 من قانون السلطة القضائية، والمادة 11 من قانون مجلس الدولة، والتي أكدت على أن “لا تختص محاكم مجلس الدولة بالنظر في الطلبات المتعلقة بأعمال السيادة”.