فى مدارسنا كانوا يعلموننا، أن الدين والتاريخ هما أساس الدول، وواجب على كل فرد داخل دولته أن يتعلم أصول دينه وتاريخه، كى يتعلم الانتماء والغيرة تجاه أرضه وأهله ودينه وخلافه، ومع مرور الوقت أصبح لكل فرد هويته ودينه وتاريخ تعلمه من أساتذته، حتى كبرنا وبدأنا فى نقل ما تعلمناه إلى أولادنا وأحفادنا.
والحقيقة أصبحت الأجيال الحالية خالية من المعرفة والعادات والتقاليد والتاريخ وأصول الدين، واصبحو بلا مدرس ولا مراقب ولا دليل، بل ضربتهم حروب الإنترنت والموبايل و”فيس بوك” وخلافه، الأمر لم يتوقف عند هذه الأمور فقط، أيضًا لم يجدوا من يحنو عليهم فى تعليم تاريخهم ومواقف رجال الدين فى الماضى، وبواسل الحروب الدينة والغزوات وغيرها.
أثارت الموجة الكاسحة من الأعمال الدرامية حالة من الجدل تباينت فيها الآراء حول مستوى المسلسلات وجرأتها المتزايدة وخروجها على قوانين الآداب العامة فى عدد غير قليل ما يعرض الآن على الشاشات الفضائية التى فتحت الأبواب على مصارعها أمام التجار والمتربحين لتسويق منتجاتهم الرخيصة من مخدرات ودعارة وعنف.
هذه الإشكالية سببت خلافًا حادًا فى الآراء حول مفهوم الحرية الإبداعية ومدى ارتباطها باحتياجات المجتمع وهمومه ومشاكله، ومن ناحية أخرى لفتت النظر إلى غياب الأعمال التاريخية والدينية من الخريطة الفنية وهو ما يثير الشكوك إزاء هذه الظاهرة، بل تلقى بظلالها على السينمائى أيضًا.
فمنذ أن تخلت الدولة عن إنتاج الأفلام لم تسع مؤسسات الإنتاج بالقطاع الخاص إلى تجسيد البطولات التاريخية الإسلامية فلا تزال أفلام فجر الإسلام وبلال مؤذن الرسول والشيماء هى الاستثناء فى هذا المضمار الدينى التاريخي.
حيث ما أتى بعدها مثل فيلم وا إسلاماه لم يندرج تحت مسمى التوثيق الدينى لحياة الرسول ودعوته وهجرته من مكة إلى المدينة وإنما كان طرحًا فنيًا فكريًا لصراع أخر عن معارك الحكم والسلاطين فى زمن الإمبراطوريات.
لقد غلب الاهتمام بالتاريخ المعاصر على بقية الاهتمامات الأخرى فتركز النشاط على ما هو قريب من أحداث وتراجع ما هو أقدم، وبالتالى سقط من الذاكرة ما كان جديرًا بالذكر فلم نر شيئا عن معركة اليرموك أو غزوة بدر أو أى من الانتصارات الشهيرة فى التاريخ الإسلامى حتى أن الهجرة التى تحوى كثيرًا من الدروس المستفادة بقيت حدثًا فريدًا وحيدًا فى الأرشيف السينمائى المصرى.
والسؤال الذى يطرح نفسه ، لماذا اختفت لماذا اختفت أصولنا وعاداتنا وتاريخنا من الدراما والسينما؟.. لماذا اصبحنا نبحث عن الدراما السهلة بدون هدف؟.. لماذا اختفت المسلسلات الدرامية التاريخية والدينية، انتبهوا فدين المراهقين والأطفال فى رقابنا جميعا؟