أكدت محكمة القضاء الإدارى بالإسكندرية الدائرة الأولى بالبحيرة، برئاسة المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة، أن الدولة ملزمة بعلاج طلاب الثانوية العامة المصابين بالتصلبات المتعددة مجانا دون تحملهم فارق سعر الدواء، وأكدت أن مطالبة التأمين الصحى -أثناء نظر الدعوى لطالب الثانوية العامة قبل عقد الامتحان- بمبلغ 4678 جنيها شهريا كشرط لعلاجه انحدار إلى الدرك الأسفل من الطغيان والاستبداد، ويتصادم مع الدستور وتأمرها برده، وأن القانون ألزم التأمين الصحى بتدعيم الطالب المريض لا بتدعيم الطالب للتأمين، وأكدت أيضا أن الالتزام بعلاج طلاب الثانوية العامة مجانا ليس هبة من الدولة تمنحه لمن تشاء وتمنعه عمن تشاء، ولكنه من أقدس واجباتها تحقيقا للسلام الاجتماعى بين كافة طبقات الطلاب .
وقضت المحكمة برئاسة المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية المستشارين صالح كشك، ووائل المغاورى نائبى رئيس مجلس الدولة، بوقف تنفيذ قرار رئيس الهيئة العامة للتأمين الصحى السلبى بالامتناع عن صرف الدواء المقرر لعلاج الطالب عبد الله رمضان صلاح يونس بالثانوية العامة فى العام الدراسى 2015/2016 من مرض تصلب متعدد بالجهاز العصبى المعروف باسم التصلب العصبى المتناثر Multipl Scelerosis المتمثل فى عقار Gilenya cap شهريا بصورة دورية مستمرة كل 3 شهور دون تحمله فارق سعر الدواء، وما يترتب على ذلك من آثار أخصها إلزام الهيئة بصرف ذلك الدواء وعرض حالته على الطبيب المختص دوريا لتقرير مدى حالته الصحية، فى ضوء ما يسفر عنه تناول ذلك الدواء، وأمرت بتنفيذ الحكم بمسودته بدون إعلان وألزمت الإدارة المصروفات.
وقالت المحكمة إن المشرع ألزم الهيئة العامة للتأمين الصحى بتقديم الخدمات العلاجية والتأهيلية لطلاب المدارس فى حالتى المرض والحوادث أيا كانت المرحلة التعليمية بمختلف المراحل والنوعيات، وألزم الدولة بأن يكون نظام التأمين على الطلاب إلزاميا فى جميع المراحل التعليمية، وألزمها كذلك بتقديم الرعاية الصحية بنوعيها الخدمات الصحية الوقائية والخدمات العلاجية والتأهيلية بكافة صورها، وعلى قمتها صرف الأدوية اللازمة للعلاج، ويكون علاج الطالب ورعايته طبيا طول مدة انتفاعه إلى أن يشفى أو تستقر حالته .
وأضافت المحكمة أن المشرع الدستورى أوجب على الدولة كفالة التأمين الصحى لجميع المواطنين بها، بما يستتبعه ذلك من توفير سبل العلاج حسبما تقتضيه حالة المريض، وقد نظم القانون كيفية أداء هذه الخدمة لطلاب المدارس، وهذا الالتزام لا مناص من تحقيقه ولا سبيل لفك يد الدولة منه، إذ إن تلبية طلب التلميذ المريض بالعلاج أمر يفرضه القانون ويبرره الواقع، والقول بغير ذلك فيه تعريض لحياة التلاميذ المرضى للخطر وهى جريمة مؤثمة ويجب على الدولة وأجهزتها المختصة النأى عنه .
وذكرت المحكمة أن الطالب عبد الله رمضان صلاح يونس بالثانوية العامة هذا العام ومقيم بشارع الجمهورية مركز حوش عيسى بالبحيرة ومؤمن عليه لدى التأمين الصحى برقم 5674 / 121 طبقا للقانون رقم 99 لسنة 1992 فى شأن التأمين الصحى على الطلاب وهو يعانى من مرض تصلب متعدد بالجهاز العصبى المعروف باسم التصلب العصبى المتناثر Multipl Scelerosis ويحتاج إلى دواء عقار Gilenya cap شهريا على نحو ما ثبت من تقرير صادر من مستشفى جمال عبد الناصر بالهيئة المدعى عليها إلا أن تلك الهيئة قد امتنعت عن صرف هذا العقار له بالجرعة المقررة له بحجة أن السيد رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للتأمين الصحى وجه إلى مساهمة الهيئة بمبلغ 3000 جنيه، وأن المبلغ الذى يتعين أن يتحمله المريض شهريا هو 4678 جنيها، وبالفعل لم يجد والد الطالب المريض طريقا سوى بيع كل ما يملك لتدبير هذا المبلغ ومنحه للتأمين الصحى لإنقاذ حياة ابنه واستعادة قدرته على التحصيل، ودفع والده مبلغ 4678 جنيها بتاريخ 9/5/2016 أى أثناء نظر الدعوى وقبل عقد امتحان الثانوية العامة وهو تصرف انحدرت فيه الهيئة إلى الدرك الأسفل من الطغيان والاستبداد لا يليق من تلك الهيئة فى التعامل مع المرضى، خاصة الطلاب، حيث ألزمها القانون بعلاجهم مجانا ويغدو تحصيل هذا المبلغ باطلا بطلانا مطلقا لمخالفته قاعدة دستورية لها من السمو والإلزام .
واختتمت المحكمة حكمها الإنسانى بأنه لا يجوز للهيئة العامة للتأمين الصحى أن تتذرع بوجوب تحمل المريض فارق سعر الدواء، ذلك أن القانون ألزم التأمين الصحى بتدعيم الطالب المريض لا بتدعيم الطالب للتأمين، ومن ثم يمثل طلبها لطالب الثانوية العامة مبلغ 4678 جنيها كشرط لعلاجه قبيل عقد الامتحانات إهانة لمفهوم المواطنة ويتصادم مع الدستور بل ويفرغ الحق الدستورى بعلاج المرضى من الطلاب مجانا من مضمونه ويجعله محض خواء وهباء، وهو ما يجب على تلك الهيئة النأى عنه احتراما للحقوق الدستورية التى تستوى على القمة فى القواعد القانونية فى الدولة، ولأن المشرع الدستورى ألزم الدولة بتحمل كامل نفقات العلاج وليس مجرد المساهمة فيه، فالالتزام بعلاج الطلاب مجانا ليس هبة من الدولة تمنحه لمن تشاء وتمنعه عمن تشاء، ولكنه من أقدس واجباتها تحقيقا للسلام الاجتماعى بين كافة طبقات الطلاب، وبالتالى يشكل امتناع رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للتأمين الصحى عن صرف الدواء المذكور للطالب بالمجان قرارا سلبيا مخالفا للدستور والقانون