قال مركز الطاقة العالمى إن مصر سوف تصل للإكتفاء الذاتى من الطاقة فى 2020 وتعيد تصدير الغاز الطبيعى فى 2022، مشيرة إلى أن الحكومة المصرية قامت بأنشطة لتطوير حقول نفط خلال عام 2016 تساعدها على تحقيق هذه الأهداف.
تحديات
أصدر مركز الأبحاث الأمريكى، التابع للمجلس الأطلنطى، ورقة بحثية حول إكتشافات الطاقة فى منطقة شرق البحر المتوسط، وقال فيها أن حكومة الرئيس عبد الفتاح السيسى حققت درجة من الإستقرار فى مصر بعد إضطرابات إستمرت لسنوات منذ ثورة 25 يناير 2011.
وتابعت الدراسة: ومع ذلك فإن الإرهاب والمخاطر الأمنية لايزالوا يشكلون عائقا خاصة بعد إسقاط الطائرة الروسية العام الماضى وما أسفر عنه من مزيد فى إنخفاض إيرادات السياحة، التى يعتمد عليها الإقتصاد المصرى، بالإضافة إلى أزمة النفط التى قلصت المنح الحكومية الأجنبية.
نشاط قطاع الطاقة
وتقول الدراسة إنه على الرغم من أن هذه التوترات خلقت صعوبات مالية أمام مصر لسداد مدفوعاتها من الغاز الطبيعى والحد من ديونها لشركات النفط الدولية، فإن هناك أسباب للتفاؤل تتعلق بتطوير حقل “ظهر”، الذى تتولى شركة “إينى” الإيطالية أعمال التنقيب وإستخراج الغاز الطبيعى منه وفقا لبرنامج التنمية لعام 2016 والذى من المتوقع أن يبدأ أول إنتاج له بنهاية عام 2017 ومطلع 2018.
وتشير التقديرات إلى أن ذروة الإنتاج من حقل “ظهر” تصل إلى 27 مليار متر مكعب عام 2019-2020، وهناك أيضا مؤشرات جيدة بوجود نفط فى أعماق أكبر، ربما تمتد إلى قبرص، وهذا يبرر إستعداد شركة توتال الفرنسية للطاقة، لتمديد عقدها الخاصة بالتنقيب عن النفط قبالة سواحل قبرص.
إكتشافات 2016
وتؤكد الدراسة أن إكتشافات الطاقة فى 2016 تساعد مصر على تحقيق أهدافها من الإكتفاء الذاتى بالطاقة بحلول عام 2020 وإستئناف تصدير الغاز الطبيعى فى 2022.
وتعمل شركة “بريتش بيتروليوم” البريطانية على تطوير حقل غاز فى منطقة غرب الدلتا بإستثمارات قدرها حوالى 12 مليار دولار ومن المتوقع أن يبدأ الإنتاج فى 2017 والمقرر أن يبلغ 1.2 مليار مليار قدم مكعب يوميا أى ما يعادل تقريبا نحو ربع طلب مصر من الغاز حاليا.
كما تقوم الشركة البريطانية أيضا بتطوير حقل غاز “أتول” فى شرق الدلتا، والذى سيضيف 3 مليار متر مكعب سنويا للشبكة المصرية بحلول عام 2017. ووفقا لشركة الغاز الطبيعى القابضة “إيجاس”، فإن شركة “إينى” تستعد للإعلان عن إكتشاف غاز ضخم جديد يقدر بحجم حقل ظهر.
وفضلا عن هذه الإكتشافات الضخمة، فإن شركة “شيل” العالمية تتجه لعمليات تتعلق بآفاق الغاز الصخرى فى مصر، بالتعاون مع شركة أباتشى.
توقعات إيجابية
ونقلت الدراسة عن إيان ليسر، مدير السياسات الخارجية والأمن لدى صندوق مارشال الألمانى للولايات المتحدة، قوله “إن التوقعات الإقتصادية الخاصة بمصر إيجابية، وهذا سوف يتم مراعاته من قبل المستثمرين الأجانب”.
وأضاف أن المشروعات سوف تمضى قدما لكن هناك مناخ عام غير صحى، مشيرا إلى التهديدات الأمنية المتعلقة بالنشاط الإرهابى فى سيناء.
الدعم والنمو السكانى
وتقول الدراسة الأمريكية إن مصر لديها عراقيل مالية ضخمة تتعلق بعقود من دعم الطاقة والنمو السكانى، الأمر الذى أدى إلى زيادة الطلب على الغاز ومن ثم زيادة العبء على الدولة لتسديد مدفوعاتها لشركات الطاقة الأجنبية المسئولة عن أعمال التنقيب وإنتاج الطاقة، والتى قللت من عملياتها فى مصر فى السنوات الأخيرة، وهذه العوامل أدت بدورها إلى الوضع الحالى من نقص الطاقة والحاجة لإستيراد الغاز الطبيعى المسال المكلف لضمان توفر إمدادات الكهرباء.
وتشير الدراسة إلى أن زيادة سعر الغاز الطبيعى، واحدة من التدابير التى إتخذتها الحكومة فى الأشهر الأخيرة للسيطرة على الإستهلاك المحلى المتزايد وتشجيع الإستكشاف، حيث قامت مصر مؤخرا، بزيادة السعر الذى سوف تدفعه لشركة إينى وإديسون عن الإكتشافات الجديدة ليصل إلى 5.88 دولار لكل وحدة حرارية بريطانية بدلا من 4 دولار.
وتخلص الدراسة إلى أن مصر فتحت قطاع النفط والغاز لديها عن طريق طرح مزيد من الإستكشافات، وبهذه الطريقة فإنها تأمل زيادة الإنتاج من النفط والغاز لتلبية الطلب المحلى والمساهمة فى إنعاش الإقنصاد ومن المتوفع ان يكون لديها 2.000 مليار متر مكعب من الغاز، دون حقل ظهر، وهو ما يكفى لتلبية إحتياجاتها لسنوات طويلة.
الطاقة المتجددة
وبالإضافة إلى هذا فإن هناك زيادة فى النشاط والإهتمام بتطوير مشروعات الطاقة المتجددة وغير التقليدية، كالطاقة الشمسية والرياح، لزيادة إنتاج الطاقة فى مصر وسد الفجوة الخاصة بالكهرباء لذا لا تزال مصر متفائلة بشأن إستقرار الطاقة، ليس فقط على صعيد الإكتفاء الذاتى ولكن إستئناف الصادرات بحلول 2022.
وشدد مؤلفو الدراسة، وهم مجموعة من كبار خبراء الطاقة فى العالم والأسواق فى منطقة الشرق الأوسط، أن بينما يمثل حقل “ظهر” حافزا لإحياء آفاق تصدير الطاقة فى مصر فإنه هذا يتطلب إصلاح هيكل السعر الداخلى عن طريق رفع الدعم الحكومى للوقود، وتحرير قطاع الطاقة وذلك لتشجيع كل من الواردات والصادرات بمعدل أسرع كثيرا مما يسير حاليا.
المصالح الأوروبية والأمريكية
وأشارت الدراسة التى شملت أيضا تقييم إكتشافات الطاقة فى قبرص وإسرائيل، إلى أن إكتشافات النفط والغاز فى منطقة شرق البحر المتوسط لها أثار واسعة النطاق على المنطقة، حيث سيكون لديها القدرة على صياغة علاقات تجارية جديدة وتعزيز التعاون فى المنطقة التى طالما عُرفت بالإضطرابات وعانت من أزمات اللاجئين والقضية الفلسطينية والتحديدات الإقتصادية وحتى التوترات بين تركيا وأوروبا، التى تمثل سوق الغاز الأسرع نموا والمورد الرئيسى لها روسيا.
وختمت مؤكدة أنه على صعيد السياق الأوسع، فإنه بالنسبة للمصالح الأوروبية والأمريكية فى المنطقة، تمثل إكتشافات الطاقة فى شرق البحر المتوسط عنصر إيجابى كبير جنبا إلى جنب مع تطورات أخرى فى التعاون الإقليمى، لاسيما مفاوضات التسوية القبرصية والإتفاق النووى الإيرانى وعودة النفط الإيرانى للسوق العالمى، مما يسهم فى مزيد من الإستقرار.